التعليم القائم على حل المشكلات هو نهج تعليمي مبتكر يركز على وضع المتعلمين في صلب عملية التعلم من خلال تقديم مشكلات واقعية ومعقدة تحتاج إلى تحليل وحل. في ظل التطورات السريعة التي يشهدها عالم اليوم، أصبح من الضروري أن يكتسب الطلاب مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتعلم الذاتي لمواكبة هذه التغيرات.
في هذا المقال، سنستعرض مفهوم التعليم عن طريق حل المشكلات بالتفصيل، ونشرح مميزاته وكيف يختلف عن التعليم التقليدي، ونناقش تأثيره الإيجابي على الطلاب، بالإضافة إلى تقديم نصائح حول كيفية تطبيقه في المؤسسات التعليمية.
مفهوم أسلوب حل المشكلات:
أسلوب حل المشكلات هو “عملية تفكير يستخدم الفرد فيها ما لديه من معارف مكتسبة وخبرات سابقة ومهارات من أجل الاستجابة لمتطلبات موقف ليس مألوفًا له، وتكون الاستجابة بأداء عمل ما يستهدف حل التناقض أو الغموض الذي يتضمنه الموقف، وقد يكون التناقض على شكل فجوة أو خلل في مكوناته أو عدم وجود ترابط منطقي بين أجزائه”.
ما هو التعليم عن طريق حل المشكلات؟
التعليم عن طريق حل المشكلات هو “نموذج تعليمي يركز على استخدام مشكلات واقعية كمحور للتعلم. بدلاً من تلقي المعلومات من المعلم بشكل مباشر، يتعين على الطلاب العمل ضمن فرق لتحليل وفهم المشكلة، والبحث عن الحلول الممكنة. يتم توجيههم من قبل معلم يقوم بدور “المرشد” وليس “الملقن”.
أهمية أسلوب حل المشكلات في التعليم:
أسلوب حل المشكلات يوفر الرغبة والتشوق للتعليم والمشاركة الفعالة من قبل التلميذ حيث يقوم أسلوب حل المشكلات على الأسس التالية:
- التعلم من خلال العمل ويكون أكثر استقرارًا وثباتًا حيث يكون فعالًا ونشيطًا من خلال ممارسته لكل مراحل حل المشكلات.
- إثارة الدافعية للتعلم والإقبال عليه بشوق ورغبة وذلك لأن الطالب يشارك في حل مشكلاته باستخدام خبراته السابقة.
- الاستمتاع بالعمل على حل المشكلة التي صاغها الطلاب بأنفسهم وشعروا بوجودها وبأهميتها لأنها تتحدى مفاهيمهم.
- أسلوب حل المشكلات يعمل على إثارة الدافعية عند المتعلم فإذا واجه الطالب مشكلة كانت حافزًا له يدفعه إلى البحث والتجريب بدافع قوي.
- أسلوب حل المشكلات يعمل على تنمية المعلومات التكنولوجية والقدرات المهنية فإذا تمكن الطالب من استخدام أسلوب حل المشكلات في التعليم فإنه يمكنهم أن ينقلوا هذه الخبرة إلى مواقف جديدة خارج المدرسة.
- أسلوب حل المشكلات يغرس قيمًا واتجاهًا تتفق مع مواصفات مجتمع المستقبل المرغوب.
الأسس النظرية للتعليم عن طريق حل المشكلات:
هناك مجموعة من النظريات السيكولوجية المفسرة لأسلوب حل المشكلات نذكر منها:
1- النظرية السلوكية:
تقوم النظريات السلوكية على أساليب كثيرة من أهمها أسلوب المحاولة والخطأ والذي يعني أن الفرد عندما يواجه موقف محدد يتضمن مشكلة ما فإنه يحاول أيجاد حل عن طريق المحاولة والخطأ، وذلك اعتمادًا على خلفيته التعليمية.
2- النظرية الجشطالتية:
يؤكد أصحاب الاتجاه الجشطالتي على أهمية البنية التركيبية للموقف الذي يتضمن مشكلة، وتكوين بنية جديدة من الأفكار القديمة، فالمشكلات من وجهة نظرهم ما هي إلا مشكلات إدراكية تظهر إلى الوجود عندما يحدث توتر أو إجهاد نتيجة للتفاعل بين الإدراك وعوامل التركيز.
3- النظرية المعرفية:
الاتجاه المعرفي اهتم علماؤه بحل المشكلات باعتباره نشاط يمثل عدة عمليات معرفية منها (التذكر، الانتباه، التفكير)، كما يعتقد المعرفيون أن موقف حل المشكلة هو موقف يواجه الفرد ويتفاعل معه ويستحضر ما لديه من خبرات للارتقاء في معالجته الذهنية للموقف الذي تدور حوله المشكلة.
كيف يختلف التعليم عن طريق حل المشكلات عن أساليب التعليم التقليدية؟
يختلف التعليم التقليدي عن التعليم القائم على أسلوب حل المشكلات في الآتي:
- في التعليم التقليدي، يُعتبر المعلم هو المصدر الرئيسي للمعلومات، حيث يتم نقل المعرفة من المعلم إلى الطالب عبر المحاضرات. أما في ، يُعتبر الطلاب هم المسؤولون عن بناء معرفتهم بأنفسهم من خلال تحليل المشكلات والبحث عن حلول.
- دور المعلم في التعليم التقليدي، يكون المعلم هو المصدر الأساسي للمعرفة، بينما في التعليم القائم على حل المشكلات يلعب دور المرشد الذي يسهل عملية التعلم.
- التعليم التقليدي يعتمد على المحاضرات والتلقين، بينما في التعليم القائم على أسلوب حل المشكلات يُطلب من الطلاب المشاركة في عملية التعلم من خلال استكشاف المشكلات.
مراحل استخدام أسلوب حل المشكلات:
يقوم النشاط العقلي لحل المشكلات على استخدام عدد كبير من مكونات الإعداد أو التجهيز أو المعالجة، وبصفة عامة يمكن القول بأن النشاط العقلي المستخدم في حل المشكلات يمر بالمراحل التالية:
1- مرحلة الإعداد أو فهم المشكلة:
تتضمن العديد من الأنشطة مثل تحديد معيار أو محك للحل، وتحديد أبعاد المشكلة من خلال البيانات المعطاة، وتحديد المحددات التي تحكم استراتيجيات الحل، ومقارنة المشكلة بما هو مخزون من خبرات سابقة في الذاكرة.
2- مرحلة الإنتاج أو الاستنتاج:
تتضمن هذه المرحلة القيام بأنشطة متعددة مثل استرجاع الحقائق والأساليب من الذاكرة طويلة المدى، وفحص وتمحيص المعلومات المتاحة في البيئة المجالية للمشكلة، ومن ثم معالجة محتوى الذاكرة قصيرة المدى، وتخزين المعلومات في الذاكرة طويلة المدى لاحتمال استخدامها فيما بعد، ومن ثم إنتاج الحل.
3- مرحلة إصدار الأحكام:
تعرف باسم تقويم الحلول المستنتجة وتتضمن أنشطة مثل مقارنة الحل المستنتج بمعايير أو محكات الحل، واختيار أساس لاختيار القرار الذي يلائم المحددات المماثلة في المشكلة، ومن ثم الخروج بقرار حل المشكلة أو أن الأمر لا يزال يتطلب مزيدًا من العمل أو التفكير أو المعلومات.
خطوات تطبيق أسلوب حل المشكلات في التعليم:
تقسم خطوات حل المشكلات في التعليم إلى خمس خطوات وهي:
- الشعور بالمشكلة: فالمشكلة تتمثل في الصعوبة التي يواجهها المتعلم ويرغب في حلها، وتجاوزها وقد تكون ظاهرة يشاهدها ولا يستطيع فهمها.
- تحديد المشكلة: يقصد بها صياغة المشكلة ضمن جملة أو بضع جمل بمساعدة المعلم، فقد تكون الصياغة على شكل جملة خبرية أو بأسلوب الشرط أو بأسلوب الاستفهام.
- جمع المعلومات ذات الصلة لحل المشكلة وفي هذه الخطوة تُحدد أدوات البحث عن حل المشكلة وترصد المراجع والمصادر والكتب وحتى المؤسسات التي جمعت منها المعلومات.
- اختبار الحلول واختيار المناسب منها: وذلك عن طريق تنفيذ الحلول المقترحة وتخير ما يمثل حلًا للمشكلة المطروحة.
- التوصل إلى النتائج وتعميمها: يكون التعميم من خلال إجراء عدد من التجارب التي تدعم الاستنتاج الذي تم التوصل إليه.
شروط استخدام أسلوب حل المشكلات في التعليم:
التعليم القائم على حل المشكلات يتطل عددًا من الشروط الواجب توافرها لتطبيقه متمثلة في:
- أن يكون المعلم قادرًا على حل المشكلات، وملمًا بالمبادئ والاستراتيجيات اللازمة لذلك.
- أن يمتلك المعلم القدرة على تحديد الأهداف المرجوة من استخدام هذا الأسلوب.
- أن تكون المشكلة من النوع الذي يثير اهتمام الطالب ويتحدى قدراته.
- أن تكون المشكلة قابلة للحل ضمن قدرات الطالب وإمكاناته.
- أن يوفر المعلم لطلبته المشكلات الواقعية التي تنتمي لحاجاتهم والأهداف التعليمية المخطط لها.
- أن يقدم المعلم تغذية راجعة لطلابه حول أدائهم وتقدمهم نحو الحل.
- أن يساعد المعلم المتعلمين على تكوين وتبني استراتيجية لحل المشكلات والتصدي لها.
- أن يجرب المعلم استراتيجية الحل على المشكلات الجديدة.
- أن يشجع المعلم طلابه على العلم الجماعي والعمل في فرق لحل المشكلات.
تأثير التعليم عن طريق حل المشكلات على الطلاب:
يؤثر التعليم القائم على أسلوب حل المشكلات بشكل ملحوظ على الطلاب يتمثل في:
- يُعد التفكير النقدي وحل المشكلات من أهم النتائج الإيجابية لتطبيق . يتيح هذا النهج للطلاب الفرصة للتفكير بطريقة منطقية وتحليلية أثناء مواجهة التحديات الواقعية.
- يساعد الطلاب على تطوير مهارات التعلم الذاتي، حيث يتعلمون كيفية البحث عن المعلومات وتقييمها بأنفسهم. كما أن الطبيعة التعاونية للمشروعات تعزز من دافعية الطلاب نحو التعلم.
- تساهم في إعداد الطلاب لسوق العمل من خلال تطوير مجموعة متنوعة من المهارات القابلة للنقل مثل:
- العمل الجماعي.
- التفكير الإبداعي.
- القيادة.
- اتخاذ القرارات.
مقالات ذات صلة :
- استراتيجية التعلم المعتمد على المحطات
- استراتيجية التدريس الاستقرائي
- استراتيجيات التعلم النشط
- استراتيجية العصف الذهني
- الخرائط الذهنية
خاتمة:
في الختام، يُعتبر التعليم عن طريق حل المشكلات نهجًا تعليميًا فعالًا يساهم في تطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات لدى الطلاب. إنه نموذج يضع المتعلم في مركز العملية التعليمية ويعزز من روح التعاون والابتكار. نوصي الأكاديميين والباحثين بتبني هذا النهج لتهيئة الطلاب لعالم مليء بالتحديات والفرص.
الأسئلة الشائعة
1-كيف يساعد التعليم في حل المشكلات؟
التعليم يزود الطلاب بالمعرفة والمهارات التحليلية والمنطقية التي تمكنهم من فهم المشاكل وتطوير حلول فعّالة.
2-ما هو التعلم عن طريق حل المشكلات؟
هو أسلوب تعليمي يعتمد على مواجهة الطلاب بمشكلات حقيقية، حيث يتعلمون من خلال التفكير والتحليل والتجريب للوصول إلى الحلول.
3-ما هي طريقة حل المشكلات في التدريس؟
هي استراتيجية تدريسية تبدأ بعرض مشكلة واقعية، ثم توجيه الطلاب عبر خطوات التحليل والتفكير النقدي للوصول إلى حل مناسب.
4-من أهداف التعليم القائم على حل المشكلات؟
تطوير التفكير النقدي والإبداعي.
تعزيز مهارات التحليل والتواصل.
تمكين الطلاب من تطبيق المعرفة في مواقف واقعية.
نعمان، رياض. (2016). استخدام استراتيجية حل المشكلات إبداعيًا في تدريس العلوم لطلاب الصف السادي الأساسي وأثرها في اتجاهاتهم وتفكيرهم الاستقرائي [رسالة ماجستير منشورة، جامعة الشرق الأوسط]. كلية العلوم التربوية.
بريك، نوال. (2016). أسلوب حل المشكلات وعلاقته بقلق المستقبل لدى تلاميذ السنة الثالثة ثانوي دراسة ميدانية بمدينة ورقلة [رسالة ماجستير منشورة، جامعة قاصدي مرياح ورقلة]. كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية.
اترك تعليقاً