ما النسبة المسموح بها للسرقة الأدبية في الأبحاث العلمية؟

في عالم البحث العلمي، تُعد الأمانة العلمية ركيزة أساسية لا يمكن التهاون بها. ومع التقدم التكنولوجي وتزايد الوصول إلى مصادر متنوعة عبر الإنترنت، ظهرت قضية خطيرة تؤثر على مصداقية الأبحاث والمجتمعات العلمية: السرقة الأدبية.

السرقة الأدبية ليست مجرد نسخ نص من مصدر دون توثيق، بل تتعدى ذلك لتشمل استخدام الأفكار، البيانات، أو حتى الأسلوب دون نسبها لصاحبها الأصلي. وهنا يبرز السؤال الشائع بين الطلاب والباحثين: ما النسبة المسموح بها للسرقة الأدبية في الأبحاث العلمية؟ وهل توجد نسبة مقبولة فعلًا؟ وما الفرق بين الاقتباس المشروع والانتحال؟

في هذا المقال، نوضّح المفهوم الحقيقي للسرقة الأدبية، ونسلط الضوء على كيفية كشفها، النسبة المقبولة في السياق الأكاديمي، وكيف يتم حسابها من خلال أدوات كشف الانتحال، مع تقديم نصائح فعّالة لتجنّب الوقوع فيها.

ما المقصود بـ السرقة الأدبية في البحث العلمي؟

السرقة الأدبية (Plagiarism) هي استخدام محتوى أو فكرة أو عمل لشخص آخر دون إسناد صريح للمصدر، مما يُعد خرقًا واضحًا لقواعد النزاهة الأكاديمية. وتُعتبر السرقة الأدبية من أكبر التجاوزات الأخلاقية التي قد تطيح بمسيرة باحث علمي أو طالب جامعي.

أنواع السرقة الأدبية تشمل:

1. النقل الحرفي بدون توثيق:
   استخدام نص كامل أو فقرة من مصدر آخر دون الإشارة إليه، سواء تم اقتباسه بشكل مباشر أو ضمنيًا.

2. إعادة الصياغة دون ذكر المصدر:
   حتى لو غيّرت الكلمات، فإن عدم الإشارة إلى المصدر الأصلي يُعد انتهاكًا للأمانة العلمية.

3. السرقة الذاتية:
   إعادة استخدام الباحث لجزء من أبحاثه السابقة دون توضيح أو توثيق يُعد أيضًا نوعًا من الانتحال.

4. نسخ الصور أو الجداول أو الرسوم البيانية من مصادر أخرى دون تصريح أو توثيق.

من المهم أن ندرك أن السرقة الأدبية ليست فقط “كمية” بل “نية”. فقد تكون نسبة الاقتباس قليلة، لكن طريقة استخدامها هي ما يحدد إن كانت مقبولة أو لا.

كيف يتم اكتشاف السرقة الأدبية؟

مع تطوّر تقنيات التعليم والبحث العلمي، أصبحت الجامعات والمجلات العلمية تعتمد على أدوات متقدمة لرصد الانتحال والتحقق من أصالة الأعمال الأكاديمية. ومن أبرز هذه الأدوات:

1. برامج كشف الانتحال العلمي
   تستخدم المؤسسات التعليمية برامج متخصصة مثل Turnitin، iThenticate، Plagscan وغيرها، للكشف عن التشابه بين النص المُقدَّم وملايين المستندات الأكاديمية والمصادر الرقمية.

2. آلية عمل هذه البرامج

• تقوم بتحليل كل كلمة وعبارة في النص.

• تقارنها بقاعدة بيانات ضخمة تحتوي على كتب، مقالات، مواقع إلكترونية، وأبحاث جامعية سابقة.

• تُظهر تقريرًا بنسبة التشابه الإجمالية، وتُبرز العبارات المقتبسة مع تحديد المصدر الأصلي.

3. هل كل تطابق يُعتبر سرقة أدبية؟
   لا. هذه النقطة مهمة جدًّا. برامج الانتحال تُظهر نسبة “التشابه” وليس “الانتحال“. فقد يتضمّن التقرير اقتباسات مشروعة (مع توثيق)، عبارات تقنية شائعة، أو أسماء جهات، وكلها لا تُعدّ سرقة أدبية.

لهذا السبب، من المهم أن يتم تقييم التقرير من قِبل مشرف أكاديمي أو لجنة مختصة تُميز بين ما هو اقتباس مشروع وما هو استخدام غير مبرر للمصادر.

ما النسبة المسموح بها للسرقة الأدبية في الأبحاث العلمية؟

تتفاوت النسبة المسموح بها للسرقة الأدبية (أو بالأصح “نسبة التشابه”) بحسب المؤسسة الأكاديمية، نوع العمل البحثي، وحتى طبيعة التخصص. ومع ذلك، يمكن تحديد نطاقات عامة تعتمدها معظم الجامعات:

1. في رسائل الماجستير والدكتوراه

• النسبة المقبولة عادة: بين 10% – 15%

• تتشدّد الجامعات في هذه المرحلة، حيث يُتوقع من الباحث إنتاج محتوى أصلي بالكامل باستثناء بعض التعريفات أو الاقتباسات النظرية.

2. في البحوث العلمية المنشورة

• المجلات المحكمة لا تقبل عادة تشابهًا يتجاوز 10%، وبعضها يشترط أقل من 5%، خاصة في الأبحاث الأصيلة (Original Research).

3. في المشاريع الجامعية أو التكليفات الدراسية

• بعض الكليات تسمح بنسبة 20% كحد أقصى، بشرط أن تكون الاقتباسات موثقة بالكامل، ولا تشمل نسخًا من تقارير طلاب آخرين.

ملاحظات مهمة:

• لا تعني هذه النسب أن الطالب أو الباحث حرّ في النسخ إلى هذا الحد! بل تشمل حتى الاقتباسات المشروعة الموثقة ضمن التقرير.

• نسبة السرقة الفعلية (غير الموثقة) يجب أن تساوي 0%.

• برامج كشف الانتحال تحتسب حتى العناوين أو التعريفات العامة ضمن النسبة، لذا فإن التحليل البشري للتقرير يظل ضروريًا.

كيف يتم حساب نسبة السرقة الأدبية في البحوث العلمية؟

لفهم كيفية التعامل مع تقارير الانتحال، من الضروري معرفة كيف يتم حساب النسبة الظاهرة في هذه التقارير، والتي تثير القلق لدى كثير من الباحثين والطلاب.

1. كيف تُحسب النسبة؟

• تقوم أنظمة كشف الانتحال بتحليل النص المقدم، وتقارنه بجميع المواد الموجودة في قواعد البيانات المرتبطة بها.

• كل عبارة متطابقة يتم تمييزها وتسليط الضوء عليها، وتُحتسب ضمن نسبة التشابه، بغض النظر عن كونها موثقة أو لا.

• مجموع هذه العبارات المتشابهة يُقسَّم على إجمالي عدد الكلمات في المستند، ويُعرض كنسبة مئوية.

2. هل يتم احتساب الاقتباسات الموثقة؟
   نعم، في معظم الحالات، لكن هذا لا يعني أنها تُعد سرقة أدبية. التقارير تُظهر التشابه “الحرفي” فقط، لذا قد تتضمّن اقتباسات مشروعة تم توثيقها بدقة. ولهذا يجب مراجعة التقرير يدويًا لتحديد ما إذا كانت النسبة ناتجة عن اقتباس مشروع أم انتحال فعلي.

3. الفهارس والمراجع هل تدخل في النسبة؟
   بعض البرامج تستثني الفهارس والملاحق تلقائيًا، بينما برامج أخرى تتطلب ضبط الإعدادات لتجاهل هذه الأقسام. ولهذا يجب التأكد من إعداد البرنامج بشكل صحيح قبل إصدار التقرير النهائي.

4. هل تختلف النتائج بين الأدوات؟
   نعم، كل برنامج يستخدم خوارزميات وقواعد بيانات مختلفة، لذا قد تُظهر iThenticate نسبة تشابه أعلى أو أقل من Turnitin، حتى لو تم فحص نفس البحث.

ماذا يحدث إذا تجاوز البحث النسبة المسموح بها؟

عند تجاوز النسبة المقررة من قِبل الجهة الأكاديمية، يتم اتخاذ إجراءات تختلف حسب الجهة ونوع العمل البحثي. أبرز هذه الإجراءات:

1. رفض البحث مؤقتًا وطلب التعديل
   أكثر السيناريوهات شيوعًا، حيث يُمنح الباحث أو الطالب فرصة لإعادة الصياغة، وتقليل التشابه، ثم إعادة تقديم البحث.

2. رفض البحث نهائيًا
   في بعض المجلات العلمية المحكمة، قد يتم رفض البحث مباشرة إذا تجاوز نسبة التشابه المسموح بها، دون فرصة للتعديل.

3. توجيه إنذار أكاديمي أو خصم درجات
   خصوصًا في الأوساط الجامعية، قد يؤدي ذلك إلى خصم في التقييم أو تنبيه رسمي يُسجل في سجل الطالب الأكاديمي.

4. عقوبات تأديبية صارمة (في الحالات القصوى)
   إذا ثبت وجود سرقة أدبية متعمدة، كاستخدام أجزاء كبيرة من أبحاث أخرى دون توثيق، قد يؤدي ذلك إلى فصل الطالب، سحب الدرجة، أو سحب البحث من المجلة.

طرق تقليل نسبة الاقتباس والسرقة الأدبية

لتجنّب الوقوع في فخ التشابه الزائد، اتبع هذه النصائح العملية:

1. طوّر أسلوبك الأكاديمي في الكتابة
   لا تنقل المعلومات حرفيًا من المصادر، بل اقرأها، افهمها، ثم عبّر عنها بلغتك وبأسلوبك الخاص.

2. استخدم أدوات إعادة الصياغة باحتراف
   يمكنك الاستعانة بأدوات لغوية لتحسين صياغة العبارات وتفادي التكرار، مع الحرص على الدقة والمعنى.

3. التوثيق السليم لكل مصدر
   سواء كنت تقتبس بشكل مباشر أو غير مباشر، احرص على ذكر المصدر في الحاشية أو النص حسب النمط المعتمد (APA، MLA، Chicago…).

4. فحص أولي قبل التسليم
   استخدم أداة كشف انتحال (إن أمكن) قبل تقديم البحث رسميًا، حتى تتجنب المفاجآت.

5. نظّم معلوماتك ومراجعك منذ البداية
   اعتمد على برامج مثل Zotero أو EndNote لتوثيق المصادر منذ المراحل الأولى من كتابة البحث.

نصائح لحماية نفسك من السرقة الأدبية

الوقاية خير من الوقوع في الخطأ — خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالنزاهة العلمية. إليك مجموعة من النصائح العملية التي تساعدك كباحث أو طالب على تجنّب السرقة الأدبية منذ البداية:

1. ابدأ بتجميع المراجع بشكل منظّم
   استخدم برامج إدارة المراجع مثل Mendeley، Zotero أو EndNote لتوثيق جميع المصادر التي تعتمد عليها أثناء كتابة البحث.

2. لا تنتظر حتى النهاية لتوثيق المصادر
   احرص على إضافة المصدر مباشرة بعد استخدام المعلومة أو الفكرة، حتى لا تنسى لاحقًا وتُتهم بالانتحال غير المقصود.

3. طوّر مهاراتك في إعادة الصياغة
   تعلم كيف تعبّر عن الأفكار بلغتك الخاصة، دون أن تُفرّغها من معناها أو تنقلها حرفيًا.

4. احصل على مراجعة قبل التقديم
   استعن بمشرف أكاديمي أو مدقق لغوي لديه خبرة في فحص السرقة الأدبية، ليعطيك ملاحظات دقيقة قبل تقديم البحث.

5. افحص البحث بأدوات الانتحال قبل التسليم
   حتى لو لم تطلب منك الجامعة ذلك، من الأفضل استخدام أدوات كشف الانتحال لتتأكد من سلامة عملك.

6. لا تعتمد على مصادر غير موثوقة
   الاعتماد على ويكيبيديا أو مواقع مجهولة قد يُعرّض بحثك للتشابه العالي، فضلًا عن ضعف مصداقية المحتوى.

7. افهم متى يكون الاقتباس مشروعًا ومتى يُعد سرقة
   ليس كل تطابق يُعد خطأ، لكن عدم التوثيق الصحيح هو ما يُحوّل النص من اقتباس إلى انتحال.

خدمة فحص السرقة الأدبية

في شركة “دراسة الأفكار للبحث والتطوير”، نوفّر خدمة فحص السرقة الأدبية وفق أعلى المعايير الأكاديمية، باستخدام أحدث أنظمة الكشف المعتمدة لدى الجامعات والمجلات العلمية. نحن نُدرك أهمية النزاهة في العمل البحثي، لذلك نمنحك تقريرًا تفصيليًا يوضح نسبة التشابه، مع تحليل شامل يُساعدك على تصحيح المحتوى وتجنّب الانتحال غير المقصود.

📌 تقارير موثوقة | مراجعة بشرية احترافية | دعم فوري للمراجعة الأكاديمية

سواء كنت طالبًا، باحثًا، أو كاتب محتوى علمي، فإن خدمتنا تمنحك راحة البال قبل التقديم. اضمن قبول بحثك بثقة، وابدأ خطوتك التالية بثبات.

📎 اطلب خدمة فحص السرقة الأدبية الآن — واحصل على تقريرك 

الأسئلة الشائعة

1. ما هي نسبة السرقة الأدبية المسموح بها في الرسائل الجامعية؟
   تختلف من جامعة لأخرى، لكنها تتراوح غالبًا بين 10% و20%، بشرط أن تكون النسبة ناتجة عن اقتباسات موثقة.

2. هل تعتبر إعادة الصياغة بدون ذكر المصدر سرقة أدبية؟
   نعم. إعادة صياغة فكرة أو تحليل دون الإشارة إلى صاحبها الأصلي يُعد شكلاً من أشكال الانتحال.

3. هل يتم احتساب الفهارس والمراجع ضمن نسبة الانتحال؟
   غالبًا لا. معظم أدوات كشف التشابه تستثني الفهارس والملاحق تلقائيًا أو يمكن ضبطها لتجاهلها.

4. هل السرقة الأدبية تشمل الصور والرسوم البيانية؟
   نعم، استخدام صور، جداول، أو أي محتوى بصري من مصدر آخر دون إذن أو توثيق يُعد أيضًا سرقة فكرية.

5. هل أدوات كشف السرقة الأدبية دقيقة 100%؟
   لا. رغم كفاءتها، تبقى البرامج أدوات مساعدة، ويجب أن يُراجع التقرير من قِبل شخص مختص للتمييز بين التشابه المشروع والانتحال.

الخاتمة

في النهاية، يمكن القول إن السرقة الأدبية ليست مجرد خرق بسيط للقواعد، بل هي انتهاك صارخ للأمانة العلمية والمهنية. فهم ما هي السرقة الأدبية، وكيف يتم حساب نسبة التشابه، وما النسبة المقبولة في السياق الأكاديمي، يساعد الباحث على تجنّب أخطاء قد تُكلفه الكثير.

تذكّر دائمًا: لا بأس أن تستعين بمصادر، ولكن الأهم أن تُحسن استخدامها، وتُعبّر عن أفكارك بأسلوبك، وتُوثّق كل ما تستعين به بدقة وشفافية.

💡 ابحث، اكتب، اقتبس باحترام — واحرص على أن يكون بحثك نزيهًا بنسبة 100%.

التعليقات