التعليم القائم على المشروع من التوجهات الحديثة في طرق التدريس، وهو نهج تربوي حديث يركز على إشراك الطلاب في تعلم نشط من خلال تنفيذ مشاريع طويلة الأمد تعتمد على حل مشكلات حقيقية أو إجراء تحقيقات حول قضايا معاصرة. يتيح هذا الأسلوب للطلاب اكتساب المهارات الأساسية في البحث، والتفكير النقدي، والتعاون، كما أنه يعزز قدراتهم الإبداعية ويجعل عملية التعلم أكثر متعة وتفاعلية، ويتميز التعليم القائم على المشروع بأنه يختلف عن الأساليب التقليدية التي تعتمد على المحاضرات وحفظ المعلومات، حيث يُطلب من الطلاب تطبيق المعرفة النظرية على مواقف واقعية من خلال مشروع ملموس.
مفهوم التعليم القائم على المشروع:
التعليم القائم على المشروع هو “طريقة التدريس التي يكتسب من خلال الطلاب المعارف والمهارات عن طريق العمل لفترة زمنية ممتدة للتقصي والرد على سؤال محفز أو مشكلة أو تحدٍ”، كما يعرف التعلم القائم على المشروع على أنه “طريقة تدريس مرتبطة ارتباط وثيق بأهداف المنهج ويكتسب الطلاب المفاهيم اللازمة من خلال انخراطهم في المشروع وتقوم هذه الطريقة أساسًا على التعلم الذاتي والتعاوني”.
خصائص التعليم القائم على المشروع:
ذكر بعض الباحثين مجموعة من الخصائص التي تميز التعليم القائم على المشروع عن غيره من طرق التدريس الأخرى وهي:
1- المركزية:
المشاريع هي الطريقة التي يتم من خلالها التعلم وليست ملحقة بالمنهج، ويعني ذلك أن تعلم المفاهيم الأساسية والمركزية يتم من خلال المشروع، فما يطلبه المعلم من مشاريع بعد تدريسه للوحدة الدراسية بطريقة اعتيادية يسمى مشروع إثرائي وليس تعلمًا قائمًا على المشاريع.
2- سؤال أو مشكلة موجهة:
المشاريع ترتكز على سؤال محفز أو مسألة تقود الطلاب نحو المفاهيم الأساسية.
3- استقصاء بنائي:
الاستقصاء هو عملية محددة بهدف يتوقع تحقيقه بهدف يتوقع تحقيقه لبناء معرفة جديدة أو حل لمشكلة قائمة يتم العمل عليها، ويمكن أن يتضمن البحث أو الاستقصاء تصميمًا أو بناء نموذج وغيره، وبذلك يجب أن تساعد المشاريع التي يقوم بها الطلاب على تطوير المفاهيم والمبادئ التي لديهم ثم بناء مفاهيم ومبادئ ومهارات جديدة.
4- التقدير الذاتي للوصول إلى حل:
يعني ذلك أن المشاريع موجهة من قِبَل الطلاب ومن طبيعة المشكلة التي يتعاملون معها، فطبيعة المشكلات التي يواجهونها تجعلهم يغيرون من خططهم للوصول إلى الهدف المحدد.
المبادئ الأساسية للتعليم القائم على المشروع:
التعليم القائم على المشروع يعتمد على عدد من المبادئ الرئيسية التي تجعل العملية التعليمية أكثر فاعلية وتأثيرًا على الطلاب:
- التركيز على الطالب: يتحول دور المعلم من مُحاضر إلى ميسر، مما يسمح للطلاب بأخذ المبادرة والمشاركة الفاعلة في العملية التعليمية.
- التعلم من خلال العمل: يتعلم الطلاب بشكل أفضل عندما يشاركون في أنشطة عملية تحفزهم على التفكير النقدي وحل المشكلات.
- استكشاف واستنتاج مدفوع بالأسئلة: يتم تشجيع الطلاب على طرح أسئلة وتوجيه التحقيقات حول موضوع المشروع.
- التعاون بين الطلاب: العمل الجماعي يعد عنصرًا أساسيًا في PBL، حيث يعزز مهارات التواصل والتعاون بين الطلاب.
- التركيز على مشكلات واقعية: تعتمد المشاريع على مشكلات من الحياة اليومية، مما يجعل التعلم ذو صلة بالواقع ويساهم في تحفيز الطلاب.
فوائد التعليم القائم على المشروع في المجال الأكاديمي:
التعليم القائم على المشروع يُقدّم العديد من الفوائد للأكاديميين والطلاب على حد سواء، ومن أبرز هذه الفوائد:
- تطوير التفكير النقدي وحل المشكلات: من خلال العمل على مشاريع واقعية، يُطلب من الطلاب التفكير بطرق غير تقليدية لإيجاد حلول مبتكرة.
- تعزيز مهارات التواصل والتعاون: PBL يعزز تواصل الطلاب مع بعضهم البعض، مما يسهم في بناء فرق عمل فعالة.
- تشجيع الإبداع والابتكار: الطلاب يتمتعون بفرصة لتقديم أفكار جديدة وإيجاد حلول إبداعية لمشكلات المشروع.
- سد الفجوة بين النظرية والتطبيق: يساعد PBL على نقل المعرفة النظرية إلى واقع ملموس يمكن تطبيقه في الحياة اليومية.
- الاستعداد للعالم الواقعي: يتعلم الطلاب مهارات يمكنهم استخدامها في وظائفهم المستقبلية، مثل إدارة المشاريع، والتفكير الإبداعي، والعمل الجماعي.
كيف يعزز التعليم القائم على المشروع تفاعل الطلاب؟
التفاعل هو عنصر حاسم في العملية التعليمية، والتعليم القائم على المشروع يعزز هذا التفاعل بعدة طرق:
- تمكين الطلاب من تحمل المسؤولية عن تعلمهم: في PBL، يصبح الطلاب مسؤولين عن تطوير المشروع وإيجاد الحلول، مما يعزز شعورهم بالملكية على عملية التعلم.
- تحفيز الطلاب من خلال ارتباط المشاريع بالعالم الواقعي: عندما يعمل الطلاب على مشروعات تتعلق بقضايا واقعية، يصبح لديهم حافز أكبر للبحث والتعلم.
- زيادة التذكر والفهم العميق: تشير الدراسات إلى أن الطلاب يتذكرون المعلومات بشكل أفضل عندما يكونون قد طبقوها في مشروع عملي، مقارنة بأساليب التدريس التقليدية.
خطوات تطبيق التعلم القائم على المشروع:
عند تطبيق استراتيجية التعلم القائم على المشروع يجب اتباع الخطوات التالية:
أولًا: اختيار المشروع:
هي الخطوة الأساسية في طريقة المشروع، لأنها ذات أثر كبير في نجاح المشروع أو فشله، وتبدأ هذه الخطوة بإثارة المعلم موضوعًا ليكون محورًا للنقاش بين الطلاب حول مشكلة أو صعوبة تواجه الطلاب أو حول مشكلة من حياة الطلاب المدرسية أو البيئية أو حول مظهر من حياة الطلاب الاجتماعية.
ثانيًا: التخطيط للمشروع:
يمثل خطوة حيوية ومهمة من خطوات التعلم القائم على المشروع، لأنه يحدد الإطار النظري للمشروع وعلى المعلم أن يشرك الطلاب في عملية التخطيط، ويكون دوره الإشراف على عملية التخطيط والتوجيه وتصحيح الأخطاء، التي قد يقع فيها الطلاب وفي نهاية هذه الخطوة يقدم الطلاب خطة مكتوبة للمعلم، يقدم لها المعلم التغذية الراجعة اللازمة.
ثالثًا: تنفيذ المشروع:
يتم في هذه المرحلة ترجمة الجانب النظري المتمثل في بنود خطة المشروع إلى واقع محسوس، حيث يقوم الطلاب في هذه المرحلة بتنفيذ بنود خطة المشروع تحت مراقبة المعلم وإشرافه وتوجيهاته، ويقوم المعلم بإرشاد الطلاب وتحفيزهم على العمل وتنمية روح الجماعة والتعاون بينهم والتحقق من قيام كل منهم بالعمل المطلوب منه.
رابعًا: متابعة وتقويم المشروع:
تستخدم أساليب التقويم الأصيل في تقوم المشروع، وتقويم المشروع عملية مستمرة تشمل جميع مراحل بناء المشروع، وتتضمن تقويمًا تكوينيًا، وتقويمًا نهائيًا، ويشتمل التقويم تقويمًا ذاتيًا للطلاب، وتقويم الأقران، وتقويم المعلم، وتقويم الجمهور.
شروط تطبيق التعلم القائم على المشروع:
توجد مجموعة من الشروط الواجب توافرها في التعلم القائم على المشروع وهي:
- أن المشروع هو الطريق للوصول للمعرفة والفهم ومهارات النجاح، من خلال ارتباط المشروع بأهداف التعلم والمحتوى والمهارات.
- يقوم المشروع على مشكلة حقيقية تتطلب حلًا أو سؤالًا يتطلب إجابة، بحيث يتم من خلالهما تحدي قدرات الطلاب بالمستوى المناسب لهم.
- يتم المشروع في سياق العالم الحقيقي، كما أنه يقوم على اهتمامات الطلاب.
- يقوم الطلاب باتخاذ القرارات حول المشروع وكيفية تنفيذه.
- يقوم الطلاب ومعلمهم بتأمل طريقة تعلمهم وفاعلية الأنشطة التي يقومون بها، والتأمل في نوعية أعمالهم والعقبات التي تواجههم وكيفية التغلب عليها.
- في المشاريع يتلقى الطلاب تغذية راجعة من معلمهم على مشاريعهم ويستخدمونها في تحسين العلمية والمنتجات.
- يقوم الطلاب في نهاية العمل في المشروع بعرض وشرح مشروعهم للجمهور خارج الصف الدراسي.
دور المعلمين في التعليم القائم على المشروع:
يتغير دور المعلم بشكل كبير في بيئة التعليم القائم على المشروع. يتحول من ناقل للمعرفة إلى ميسر للعمليات التعليمية:
- المعلم يصبح موجهًا يساعد الطلاب على استكشاف المعرفة بأنفسهم بدلاً من إلقاء المحاضرات.
- يعمل المعلمون على توجيه الطلاب نحو طرح الأسئلة المناسبة وتوجيه تحقيقاتهم بطريقة منطقية.
- يشارك المعلم في تقديم ملاحظات مستمرة حول أداء الطلاب وتوجيههم نحو التحسين.
- يلعب المعلم دورًا في دعم التفاعل الفعّال بين أعضاء الفريق وحل النزاعات التي قد تنشأ.
دور الطلاب في التعليم القائم على المشروع:
دور الطالب يكمن في الآتي:
- طرح الأسئلة وبناء المعرفة وتحديد حلول لقضايا حقيقية تم إثارة التساؤلات حولها.
- التعاون وتوسيع مهارات الاستماع النشط.
- الانخراط في شبكة تواصل ذكية ومركزة. تتيح لهم التفكير بعقلانية في حل المشكلات.
- التعلم القائم على المشروع يجعل الطلاب مسؤولين عن عملية التعلم الخاصة بهم والقدرة على إنجاحها.
مميزات التعلم القائم على المشروع:
يتميز التعلم القائم على المشروع بالعديد من المميزات منها:
- تنمي طريقة المشروع روح العمل الجماعي، كما هو الحال في المشاريع الجماعية، وروح التنافس الحر الموجه في المشاريع الفردية.
- تشجيع على تفريد التعليم ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
- يشكل الطالب محور العملية التعليمية بدلًا من المعلم، فهو يختار المشروع وينفذه تحت إشراف المعلم.
- تعمل هذه الطريقة على إعداد الطالب وتهيئته خارج أسوار المدرسة بحيث يترجم ما تعلمه نظريًا إلى واقع ملموس وتشجيعه على العمل والإنتاج.
- تنمي عند الطلاب الثقة بالنفس وحب العمل، وتشجيعه على الابتكار والابداع وتحمل المسؤولية وكل ما يساعد في حياته العلمية.
التحديات التي تواجه تنفيذ التعليم القائم على المشروع :
رغم الفوائد العديدة للتعليم القائم على المشروع، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه الأكاديميين:
- تحتاج المشاريع إلى وقت كبير، مما قد يتعارض مع المتطلبات التقليدية للمناهج الدراسية.
- يمكن أن يكون من الصعب تحديد إسهامات كل طالب على حدة في الفريق.
- قد يكون لدى بعض الطلاب مهارات أكثر تطورًا من غيرهم، مما يؤثر على توزيع المهام داخل الفرق.
- تحتاج إلى معلم ذي كفاءة عالية قادر على الكشف عن اتجاهات الطلاب وميولهم وتقدير حاجاتهم.
- إعطاء الحرية الزائدة للطلاب قد يؤدي في بعض الأحيان إلى استغلال المشاريع في غير ما هو مطلوب منهم.
مقالات ذات صلة :
- استراتيجية التعلم المعتمد على المحطات
- استراتيجية التدريس الاستقرائي
- استراتيجيات التعلم النشط
- استراتيجية العصف الذهني
- الخرائط الذهنية
الخاتمة
مع استمرار تطور التقنيات والأساليب التربوية، من المتوقع أن يلعب التعليم القائم على المشروع دورًا رئيسيًا في إعادة تشكيل مستقبل التعليم، مما يساعد على إعداد الطلاب لمواجهة تحديات الحياة العملية والتكيف مع بيئة عمل تتطلب الابتكار والإبداع. من خلال تبني هذا النهج، يمكن للمؤسسات الأكاديمية أن تساهم في تطوير أجيال جديدة من القادة والمفكرين المبدعين.
الأسئلة الشائعة:
ما هو دور المعلم في التعلم القائم على المشاريع؟
في التعلم القائم على المشاريع، يكون دور المعلم مرشدًا وموجهًا بدلًا من كونه محاضرًا تقليديًا. يساعد المعلم الطلاب في اختيار المشروعات، ويشرف على تنظيم العمل وتحديد الأهداف، ويوفر الدعم عند الحاجة، كما يشجع الطلاب على التحليل وحل المشكلات بطرق إبداعية، مما يتيح لهم التعلم بشكل مستقل وتعاوني.
ما أهمية استراتيجية التعلم القائم على المشروعات؟
استراتيجية التعلم القائم على المشاريع تساهم في تطوير مهارات التفكير النقدي، وتعلم الطلاب كيفية حل المشكلات بفعالية والعمل كفريق. تعزز هذه الاستراتيجية أيضًا مهارات التواصل والتعاون وتساعد الطلاب في ربط المعرفة النظرية بالتطبيق العملي، مما يرفع من مستوى استعدادهم لسوق العمل.
ما هي استراتيجية التعلم بالمشروع؟
استراتيجية التعلم بالمشروع هي نهج تعليمي يشرك الطلاب في العمل على مشروع معين، يتضمن خطوات منظمة مثل التخطيط، البحث، التنفيذ، والتقييم. يعمل الطلاب بشكل جماعي أو فردي لتنفيذ مشاريع ترتبط بالواقع، وتساهم في تعزيز فهمهم للموضوعات الدراسية من خلال تطبيقها على سيناريوهات واقعية.
ما هي أمثلة التعلم المبني على المشاريع؟
بعض الأمثلة تشمل:
القضيب، محمد. (1439ه). التعلم القائم على المشاريع. وزارة التعليم.
اترك تعليقاً