التفكير المزدوج استراتيجية التعلم التعاوني

في عالم التعليم الأكاديمي والبحثي المتسارع، يُعد التحفيز على التفكير النقدي والمشاركة الجماعية من بين التحديات الأكثر أهمية. من هنا تأتي أهمية استراتيجية التفكير المزدوج (Think-Pair-Share) كأداة تعليمية قوية تُعزز التعلم النشط وتشجع على التفاعل بين الطلاب والأكاديميين. هذه الاستراتيجية لا تقتصر على تعزيز التفكير الفردي فقط، بل تساعد أيضاً على تعميق الفهم من خلال الحوار والنقاش بين الأقران. في هذه المقالة، سنستعرض بالتفصيل كيفية استخدام التفكير المزدوج في الفصول الدراسية والمجموعات البحثية، وفوائده المتعددة، وأفضل الطرق لتطبيقه.

ما هو التفكير المزدوج؟

التفكير المزدوج هو استراتيجية تربوية تتكون من ثلاث مراحل رئيسية:

1. التفكير: يقوم كل فرد بالتفكير بشكل مستقل حول سؤال أو موضوع معين لفترة محددة.
2. الزوج: يتشارك الأفراد في أزواج لمناقشة الأفكار والآراء التي توصلوا إليها أثناء مرحلة التفكير الفردي.
3. المشاركة: يُشارك الأزواج نتائجهم مع باقي المجموعة أو الفصل بأكمله، مما يتيح تبادل الأفكار على نطاق أوسع.

تاريخ وتطور الاستراتيجية:

تم ابتكار استراتيجية التفكير المزدوج في إطار التعليم التعاوني، ومنذ ذلك الحين تطورت لتصبح إحدى الاستراتيجيات الأكثر استخداماً في الفصول الدراسية. تعتمد هذه الطريقة على تشجيع الطلاب على التفكير بشكل فردي ثم العمل مع شركاء لمناقشة أفكارهم، مما يؤدي إلى تعميق الفهم من خلال النقاش.

فوائد التفكير المزدوج في التعلم الأكاديمي:

1. يساعد التفكير الفردي في المرحلة الأولى من الاستراتيجية على تنمية مهارات حل المشكلات.
2. يحفز التفكير النقدي من خلال التأمل الشخصي في الأفكار قبل مشاركتها.
3. تتيح المرحلة الثانية من التفكير المزدوج للطلاب فرصة تبادل الأفكار مع زملائهم.
4. من خلال الحوار بين الأقران، يمكن للطلاب اكتساب رؤى أعمق حول الموضوع، وتوسيع فهمهم من خلال مشاركة المعرفة.
5. تستوعب الاستراتيجية جميع أنواع المتعلمين؛ سواء كانوا سمعيين، بصريين أو حركيين.
6. يمكن استخدام هذه الاستراتيجية في بيئات تعليمية متعددة لتشجيع المشاركة الفعالة.

كيفية تطبيق التفكير المزدوج بفعالية في الفصول الدراسية والمجموعات البحثية:

لتطبيق التفكير المزدوج بشكل فعال، يجب تقسيم الزمن بين المراحل الثلاث بشكل متساوٍ:

1. التفكير: من 1 إلى 2 دقيقة من التفكير الفردي.
2. الزوج: من 2 إلى 3 دقائق لمناقشة الأفكار بين الشركاء.
3. المشاركة: مشاركة الأفكار مع المجموعة الكاملة لمدة من 5 إلى 10 دقائق.
4. يمكن استخدام أسئلة موجهة لتشجيع الطلاب على التفكير العميق أثناء المرحلة الفردية.
5. يجب أن يتم تعزيز التفاعل بين الأزواج لضمان تبادل الآراء بشكل فعال.
6. يمكن تكييف الاستراتيجية لتناسب الفصول الكبيرة من خلال تقسيم الطلاب إلى مجموعات صغيرة أو استخدام المنصات الرقمية مثل التطبيقات التفاعلية التي تمكن من المناقشة الافتراضية.

خطوات تطبيق استراتيجية التفكير المزدوج:

يتم تطبيق استراتيجية التفكير المزدوج من خلال الخطوات الأربعة التالية:

أولًا: طرح السؤال:

تبدأ عملية التفكير المزدوج عندما يطرح المعلم سؤال حول الموقف التعليمي، ويشترط أن يتصف السؤال بالآتي:

1. أن يكون السؤال محفزًا للتفكير سواء أكان هذا السؤال بطريقة مباشرة أم غير مباشرة.
2. يجب أن يكون السؤال ذا مستوى عالي، ويجب عليه تجنب الأسئلة ذات المستوى المتدني.
3. يجب أن يكون للسؤال أكثر من إجابة واحدة صحيحة.
4. أن يتناسب مع قدرة ومهارات الطلاب، فيجب أن يتضمن مشكلات ومعضلات يكون الطلاب قادرين على حلها.
5. يجب أن يفز السؤال التفكير الأصيل لدى الطلاب، حتى تظهر أفكارًا أصيلة في الخطوات اللاحقة.

ثانيًا: التفكير الفردي:

1. يمنح المعلم وقتًا محددًا للتفكير في السؤال المطروح بشكل فردي.
2. يجب أن يحدد المعلم الوقت بالاستناد على معرفته بالطلاب وقدراتهم وطبيعة السؤال المطروح.
3. قد تكون هناك أكثر من إجابة واحدة صحيحة للسؤال، فالمهم أن يخلص كل واحد إلى إجابة منطقية ومعقولة.

ثالثًا: المناقشة الجماعية للسؤال المطروح:

1. بعد انتهاء وقت مرحلة التفكير الفردي يكلف المعلم كل طالب بمناقشة أجابته مع زميله من أجل الوصول إلى تصور واحد للإجابة، وبذلك يكون هنالك لكل طالب فرصة لتجريب الاحتمالات.
2. ربما تمضي العملية خطوة أخرى للأمام بأن يطلب المعلم من الطلاب التجمع على شكل أربعات من أجل المزيد من تعديل وإنتاج الأفكار قبل مشاطرتها مع المجموعة ككل.

رابعًا: مشاطرة الطلبة إجابتهم مع جميع طلبة الصف:

يمكن  في الخطوة الأخيرة أن يطرحوا الطلبة حلولًا فردية، أو تعاونية جماعية للصف كمجموعة كاملة، وعند عرض الإجابات من قبل كل مجموعة فإن في مقدور كل فرد المجموعات أن يحصل على رصيد من المعلومات.

دو ر الطالب والمعلم في تطبيق استراتيجية التفكير المزدوج:

يتمثل دور الطالب أثناء استخدام الاستراتيجية فيما يلي:

1. إيجابي ونشط وفعال يبادر بالتعلم ويبحث عن المعلومة ويحلل ويفسر الظاهرة.
2. يبذل مجهودًا عقليًا لحل المشكلة وتفسيرها أي أنه يفكر بمفرده.
3. يناقش مع زميله ما توصل إليه في المرحلة الأولى، ومن ثم الخروج برؤى مشتركة.
4. يناقش الطلبة المشكلة أو الظاهرة موضع النقاش بشكل جماعي أمام الفصل.
5. يوضح لزملائه إجابته ويحاول إقناع زملائه بها.
6. يكتب تقرير بمشاركة زملائه في أفكار المجموعة الرباعية.

دور المعلم في تطبيق استراتيجية التفكير المزدوج:

يتمثل دور المعلم في الآتي:

1. التخطيط للدرس من خلال تحديد الأهداف التعليمية للمهمة وتحديد الأسئلة التي سيتم طرحها وإعداد الأنشطة والتمارين التي سيكلف بها الطلاب.
2. تعريف الطلاب بطبيعة الاستراتيجية وخطوات تنفيذها.
3. تقسيم الأزواج وتحديد الأدوار وتهيئة غرفة الصف.
4. طرح سؤال أو مشكلة ذات نهاية مفتوحة، لاستثارة تفكير الطلبة في مشكلة أو ظاهرة معينة.
5. منح الطلبة دقيقتين للتفكير في الإجابة.
6. متابعة عمل المجموعات وتقديم بد العون لهم وإرشادهم وتوجيهم، وتقديم التغذية الراجعة والفورية لهم وإيجاد بيئة تعاونية لهم.
7. التحكم بالزمن لتنفيذ كل مرحلة من مراحل الاستراتيجية.

مميزات تطبيق استراتيجية التفكير المزدوج:

من أبرز مميزات استراتيجية التفكير المزدوج في العلمية التعليمية الآتي:

1. تتيح للطلاب المشاركة بفاعلية في عملية التعليم مما يساعد على بقاء أثر التعلم.
2. تساعد الطلاب على اختبار أفكارهم قبل عرضها أمام زملائهم ومناقشتها بحرية واختيار أفضلها.
3. تعزز مهارات التواصل والتفاهم من خلال المناقشات الثنائية والجماعية.
4. تجعل عملية التعلم عملية ممتعة وشيقة لأنها توفر مناخًا صحيًا مفعمًا بالنشاط من خلال العمل كأزواج ثم العمل كمجموعات.
5. تتيح للطلاب فرصة لتعلم أساليب مختلفة لحل نفس المشكلة.
6. تتيح للطلاب كتابة أفكارهم والتعبير عنها في بطاقات أو كروت يقوم المعلم بفحصها للتعرف على مدى استيعابهم للمعلومات وقدرتهم على أداء المهارات المطلوبة منهم.
7. تزيد من دافعية الطلاب للتعلم وتنمية ثقتهم بأنفسهم، وبناء المسئولية الشخصية.

مقالات ذات صلة :

1. استراتيجية التعلم المعتمد على المحطات
2. استراتيجية التدريس الاستقرائي
3. استراتيجيات التعلم النشط
4. استراتيجية العصف الذهني
5. الخرائط الذهنية

الخاتمة:

تلخص استراتيجية التفكير المزدوج واحدة من أكثر الطرق التعليمية فاعلية لتعزيز التفكير النقدي والتفاعل الجماعي. تُعد هذه الاستراتيجية ملائمة لمختلف البيئات التعليمية، من الفصول الدراسية إلى المؤتمرات البحثية، مما يتيح لكل فرد أن يستفيد من مشاركة الأفكار وتوسيع نطاق فهمه. في النهاية، يمكن أن يكون للتفكير المزدوج تأثير طويل الأمد على تطوير المهارات الأكاديمية والحياتية.

الأسئلة الشائعة :

1-ما هي استراتيجيات التفكير البصري؟

استراتيجيات التفكير البصري تتضمن استخدام الأدوات المرئية مثل الخرائط الذهنية، والمخططات، والرسوم البيانية، والجداول، لتوضيح الأفكار والمعلومات وتسهيل الفهم وتنظيم المعرفة.

  2-من استراتيجيات التفكير؟

تشمل استراتيجيات التفكير العديد من الطرق، مثل التفكير النقدي لتحليل المعلومات بعمق، والتفكير الإبداعي لتوليد أفكار جديدة، والتفكير المنطقي للترتيب المنهجي، والتفكير التحليلي لتفكيك المشكلات ودراستها.

3-لماذا تعد استراتيجية التعلم التعاوني أحد أهم استراتيجيات التعلم النشط؟

استراتيجية التعلم التعاوني تُعتبر من أهم استراتيجيات التعلم النشط لأنها تعزز التفاعل بين الطلاب، وتساهم في تبادل الأفكار، وتطوير مهارات التواصل والعمل الجماعي، مما يزيد من استيعاب الطلاب وتحفيزهم.

التعليقات