يُعد البحث العلمي الركيزة الأساسية لتطور المجتمعات وتقدم العلوم، إذ يمثل الأداة التي يعتمد عليها الإنسان لفهم الظواهر واكتشاف القوانين وحل المشكلات.
غير أن البحوث العلمية لا تتخذ شكلًا واحدًا، بل تتنوع تبعًا للهدف والمنهج والمجال، ومن أبرز هذه الأنواع: البحث الأساسي والبحث التطبيقي.
غالبًا ما يُخلط بين هذين المفهومين، خاصة من قبل الباحثين المبتدئين، رغم أن لكل نوعٍ منهما طبيعة مختلفة وأهدافًا محددة.
فالبحث الأساسي يُركّز على توسيع المعرفة النظرية دون ارتباط مباشر بتطبيق عملي، بينما يسعى البحث التطبيقي إلى استخدام هذه المعرفة لحل مشكلات واقعية في المجتمع أو الصناعة أو التعليم.
فهم الفرق بينهما ضروري لأي باحث، لأنه يساعد على اختيار المنهج الأنسب، وتحديد أدوات البحث، وصياغة الأهداف بدقة بما يتوافق مع طبيعة الدراسة.
ما هو البحث العلمي وأنواعه
قبل أن نتحدث عن الفرق بين البحث الأساسي والتطبيقي، يجب أن نوضح أولاً مفهوم البحث العلمي وأنواعه الأساسية.
البحث العلمي هو عملية منظمة ومنهجية تهدف إلى اكتشاف معلومات جديدة أو تطوير معارف قائمة، من خلال جمع الأدلة وتحليلها للوصول إلى استنتاجات منطقية.
إنه لا يقوم على الصدفة، بل على منهج دقيق يعتمد على الملاحظة، والتحليل، والتجريب، والاستنتاج.
تصنيف البحوث حسب الهدف والمضمون
يمكن تصنيف البحوث العلمية إلى عدة أنواع، منها:
-
بحوث أساسية (نظرية): تهدف إلى تطوير المعرفة دون تطبيق مباشر.
-
بحوث تطبيقية: تهدف إلى إيجاد حلول عملية لمشكلات واقعية.
-
بحوث تطويرية: وهي التي تُبنى على نتائج البحوث التطبيقية لتطوير منتجات أو تقنيات جديدة.
-
بحوث وصفية أو تحليلية: تركز على دراسة ظاهرة قائمة ووصفها بدقة دون تدخل مباشر.
الفرق بين البحوث النظرية والعملية
البحوث النظرية تهتم بفهم الأسباب والقوانين العامة التي تفسر الظواهر، بينما تهدف البحوث العملية إلى تطبيق تلك القوانين لحل المشكلات الواقعية.
بمعنى آخر، النظرية تضع الأساس، والتطبيق يُترجمها إلى واقع.
مثلاً، في الطب، يقوم البحث الأساسي بدراسة آلية تكوين الخلايا السرطانية، بينما يعمل البحث التطبيقي على ابتكار علاج يعتمد على هذه المعرفة.
تعريف البحث الأساسي
البحث الأساسي، أو ما يُعرف أحيانًا بالبحث النظري أو البحث العلمي الخالص، هو نوع من الدراسات التي تهدف إلى توسيع حدود المعرفة البشرية دون التركيز على تطبيق مباشر أو فوري لهذه المعرفة.
يقوم الباحث في هذا النوع من الأبحاث بدراسة الظواهر بهدف فهمها وتفسيرها، وليس لحل مشكلة محددة.
أهداف البحث الأساسي
-
توليد معرفة جديدة: الهدف الأساسي هو بناء نظريات تفسر سلوك الظواهر.
-
فهم العلاقات بين المتغيرات: دون السعي لتطبيقها في الميدان مباشرة.
-
دعم البحوث التطبيقية: إذ يُعتبر البحث الأساسي الأساس الذي تبنى عليه التجارب التطبيقية لاحقًا.
-
تطوير النظريات والمفاهيم: مثل نظرية الجاذبية أو نظرية الذكاء المتعدد.
خصائص البحث الأساسي
-
يعتمد على التحليل العميق والملاحظة الدقيقة.
-
يستخدم غالبًا الأساليب الإحصائية والنظرية أكثر من التجريب الميداني.
-
لا يهدف إلى الربح أو التطبيق المباشر.
-
نتائجه تُستخدم عادة في بناء المعرفة العامة أو المناهج الأكاديمية.
أمثلة على البحوث الأساسية في العلوم المختلفة
-
في الفيزياء: دراسة تركيب المادة أو قوانين الطاقة دون تطبيق مباشر.
-
في البيولوجيا: البحث في آلية عمل الخلايا العصبية أو الجينات.
-
في العلوم الاجتماعية: دراسة العلاقة بين القيم الثقافية والسلوك المجتمعي دون تطبيق فوري.
يُعتبر البحث الأساسي حجر الأساس الذي يُمكّن الباحثين من فهم الظواهر قبل أن يتم تطبيق تلك المعارف في الحياة الواقعية عبر البحوث التطبيقية.












