يُعد برنامج LISREL أحد أهم وأقدم البرامج الإحصائية المتخصصة في تحليل النمذجة الهيكلية (Structural Equation Modeling – SEM)، وهو أداة لا غنى عنها للباحثين الذين يسعون إلى اختبار العلاقات المعقدة بين المتغيرات في الدراسات الأكاديمية.
ففي الوقت الذي تقتصر فيه البرامج التقليدية مثل SPSS على تحليل الانحدار أو التباين، فإن LISREL يتيح للباحث بناء نموذج نظري متكامل يربط بين المتغيرات المستقلة والتابعة، والمتغيرات الوسيطة والمعدلة، ضمن إطار تحليلي واحد دقيق.
يُستخدم البرنامج على نطاق واسع في مجالات علم النفس، والإدارة، والتربية، والعلوم الاجتماعية، لما يتميز به من قدرته على تحليل العلاقات السببية واختبار صلاحية النماذج النظرية.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل ما هو برنامج LISREL، وكيفية استخدامه خطوة بخطوة، وأهم المؤشرات التي يعتمدها في تقييم النماذج، مع توضيح أمثلة عملية لتفسير نتائجه في الأبحاث العلمية.
ما هو برنامج LISREL؟
تم تطوير برنامج LISREL لأول مرة في السبعينيات على يد العالِمين كارل جورسكوغ (Karl Jöreskog) وداغ سوربوم (Dag Sörbom) في جامعة أوبسالا بالسويد، ليكون أول برنامج يُطبق نماذج المعادلات الهيكلية (SEM) بشكل متكامل.
ومنذ ذلك الوقت، أصبح LISREL مرجعًا أساسيًا في التحليل الإحصائي المتقدم، وتم تطويره باستمرار ليواكب تطورات البحث العلمي حتى إصدار النسخة الحديثة LISREL 11.
معنى اسم LISREL وماذا يرمز إليه
يرمز الاسم إلى عبارة Linear Structural RELations، أي “العلاقات الخطية الهيكلية”، وهي جوهر التحليل الذي يقوم به البرنامج.
يهدف LISREL إلى بناء نموذج هيكلي يعبر عن العلاقات بين المتغيرات المرصودة (Observed Variables) والمتغيرات الكامنة (Latent Variables)، ويقدّر قوة وتأثير كل علاقة بدقة.
الجهات التي تستخدمه
يُستخدم برنامج LISREL على نطاق واسع في:
-
الجامعات ومراكز الأبحاث لتحليل البيانات في الدراسات العليا.
-
المؤسسات الإحصائية التي تتعامل مع النماذج المعقدة.
-
الجهات الحكومية والخاصة التي تجري دراسات اجتماعية أو تسويقية.
بفضل مرونته ودقته العالية، يُعد LISREL من أكثر الأدوات اعتمادًا في تحليل النماذج النظرية واختبار صلاحية المقاييس في الدراسات الاستقصائية.
أهمية برنامج LISREL في البحث العلمي
برنامج LISREL ليس مجرد أداة تحليل، بل هو منهج علمي متكامل يساعد الباحث على اختبار الفرضيات والنماذج النظرية بطريقة دقيقة ومنهجية.
تحليل العلاقات المعقدة بين المتغيرات
يمكّن LISREL الباحث من اختبار العلاقات المباشرة وغير المباشرة بين المتغيرات، مثل دراسة العلاقة بين الرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي وتأثيرهما على الأداء المؤسسي.
فبدلاً من تحليل كل علاقة على حدة، يمكنه بناء نموذج يوضح كيفية تأثير المتغيرات على بعضها بشكل مترابط.
دقة النتائج مقارنة بالطرق الإحصائية التقليدية
على عكس الانحدار البسيط أو المتعدد، يقوم LISREL بتقدير الأخطاء المعيارية لكل متغير، مما يعطي نتائج أكثر واقعية ودقة.
كما يتيح تحليل المتغيرات الكامنة التي لا يمكن قياسها مباشرة مثل الاتجاهات أو القيم النفسية.
تطبيقاته في مختلف المجالات
يُستخدم LISREL في مجموعة متنوعة من التخصصات الأكاديمية:
-
في علم النفس: لدراسة العلاقات بين السمات الشخصية والسلوك.
-
في الإدارة: لتحليل تأثير الثقافة التنظيمية على الأداء.
-
في التربية: لقياس العلاقة بين طرق التدريس والتحصيل الدراسي.
-
في التسويق: لفهم العلاقة بين رضا العملاء والولاء للعلامة التجارية.
إن ما يجعل LISREL مميزًا هو قدرته على تحويل البيانات النظرية إلى نموذج علمي يُثبت أو ينفي الفروض البحثية بأسلوب دقيق ومقنع.










