
يُعدّ البحث العلمي أداة أساسية لفهم الظواهر وتحليل المشكلات وإيجاد حلول قائمة على أدلة ومعطيات منهجية. سواءً كنت طالبًا في المرحلة الجامعية أو باحثًا في الدراسات العليا، فإن الالتزام بالمعايير الأكاديمية يُعدّ عنصرًا جوهريًا في إنجاز بحث علمي موثوق.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا هو: ما هي شروط كتابة البحث العلمي؟ وهل تقتصر هذه الشروط على التنسيق والشكل، أم تشمل أيضًا المنهج والأسلوب والمحتوى؟ في هذا الدليل، نستعرض الشروط الأساسية التي ينبغي لكل باحث الالتزام بها أثناء كتابة بحثه، بدءًا من الشروط العلمية واللغوية، مرورًا بالشروط التنسيقية، وصولًا إلى كتابة المقدمة، والإطار النظري، والمنهجية، والنتائج.
في هذا المقال، ستجد إجابة شاملة عن ما هي شروط كتابة البحث العلمي؟ إلى جانب توضيح خاص للكلمة المفتاحية الثانوية: ما هي شروط كتابة مقدمة البحث العلمي؟
أولًا: الشروط العامة لكتابة البحث العلمي
-
المنهجية والتنظيم المنطقي
-
اتّبع تسلسلًا منطقيًا في تقديم الفصول: (مقدمة، إطار نظري، منهجية، نتائج، مناقشة، خاتمة).
-
لا تخرج عن سياق المشكلة المطروحة، واحرص على ترابط الفقرات.
-
وضوح الفكرة وسلامة اللغة
-
تجنّب الغموض أو الإطالة غير المبررة.
-
استخدم لغة علمية واضحة خالية من الأخطاء النحوية والإملائية.
-
الموضوعية والدقة
-
اعرض البيانات والنتائج كما هي، دون مبالغة أو تحريف.
-
تجنّب الآراء الشخصية غير المدعومة بدليل علمي.
-
التوثيق السليم
-
اعتمد أسلوب توثيق موحد في جميع أجزاء البحث (APA، MLA…).
-
قم بتوثيق جميع المراجع والاقتباسات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
-
الأمانة العلمية
-
لا تستخدم محتوى مأخوذ من مصادر دون الإشارة إليه.
-
الالتزام بقواعد النزاهة الأكاديمية يقي بحثك من السرقة الأدبية.
ثانيًا: الشروط الشكلية (التنسيقية)
إلى جانب المحتوى العلمي، فإن تنسيق البحث يلعب دورًا كبيرًا في قبوله وتقييمه. تشمل الشروط الشكلية:
-
حجم الخط المناسب: غالبًا ما يُستخدم Traditional Arabic أو Times New Roman – حجم 16 للنصوص و18 للعناوين.
-
الهوامش: عادة 2.5 سم من كل جانب، ما لم تنص الجامعة على غير ذلك.
-
التباعد بين الأسطر: 1.5 أو مزدوج.
-
ترقيم الصفحات: يبدأ من المقدمة وليس الغلاف.
-
تنظيم العناوين: عناوين الفصول، العناوين الفرعية، أرقام الجداول والأشكال مرتبة ومنسّقة.
ثالثًا: ما هي شروط كتابة مقدمة البحث العلمي؟
مقدمة البحث هي البوابة التي يدخل منها القارئ إلى موضوع الدراسة، وتُعدّ من أكثر الأجزاء التي تعكس مهارة الباحث في عرض فكرته.
إليك أهم شروط كتابة مقدمة البحث العلمي:
-
العرض العام لموضوع البحث
-
تبدأ المقدمة بتمهيد يوضح الخلفية العامة للموضوع.
-
قد يُستخدم فيها تساؤل أو إحصائية أو مشكلة حياتية للتمهيد.
-
تحديد مشكلة البحث بوضوح
-
يجب أن تُبرز المقدمة طبيعة المشكلة التي يتناولها البحث.
-
يُفضل استخدام صياغة مباشرة وجملة واحدة تصف جوهر المشكلة.
-
أهمية البحث
-
أجب عن السؤال: لماذا هذا البحث مهم؟ وما الفائدة العلمية أو التطبيقية منه؟
-
أهداف البحث أو أسئلته
-
بيّن ما الذي تسعى إلى تحقيقه من خلال دراستك.
-
يمكن صياغتها كأهداف أو كفرضيات أو كأُسس لاستكشاف الظاهرة.
-
التمهيد لبنية البحث
-
في نهاية المقدمة، قد تذكر للقارئ كيف تم تنظيم فصول الدراسة.
-
اختصار وإيجاز
-
لا تُطِل المقدمة بشكل مفرط. المقدمة الجيدة مختصرة، مباشرة، مشوّقة، وتمهّد للدخول في صلب الموضوع.
مثال عملي:
إذا كنت تكتب بحثًا عن “تأثير الألعاب التعليمية على التحصيل الدراسي”، فقد تبدأ مقدمتك بجملة مثل:
“شهد التعليم في السنوات الأخيرة تحولًا رقميًا لافتًا، مما دعا إلى إدماج أدوات تعليمية تفاعلية مثل الألعاب الرقمية في العملية التعليمية…”
رابعًا: شروط كتابة الإطار النظري والدراسات السابقة
يُعد الإطار النظري والدراسات السابقة العمود الفقري للبحث العلمي، لأنه يقدّم الخلفية العلمية التي يرتكز عليها الباحث لفهم موضوعه وتفسير نتائجه.
-
اختيار مصادر علمية موثوقة
-
احرص على استخدام مراجع أكاديمية موثوقة مثل الكتب المتخصصة، المقالات المحكمة، الرسائل العلمية، والمجلات العلمية.
-
تجنّب الاعتماد على مصادر غير علمية أو غير موثوقة (مثل بعض المواقع العامة أو المدونات الشخصية).
-
تحليل لا تلخيص
-
لا تكتفِ بعرض ما قالته الدراسات السابقة بل حاول تحليلها، ومناقشة أوجه التشابه والاختلاف بينها.
-
بيّن ما الذي أضافته دراستك مقارنة بما طُرح سابقًا.
-
الربط بين الدراسات ومشكلة البحث
-
لا يجب أن يكون عرض الدراسات السابقة معزولًا عن موضوعك.
-
حاول أن توضّح كيف أن تلك الدراسات ساعدتك في صياغة فرضيتك أو أسئلتك البحثية.
-
توثيق دقيق
-
تأكد من توثيق كل دراسة تذكرها، سواء في المتن أو في قائمة المراجع، باستخدام نمط التوثيق المعتمد.
خامسًا: شروط كتابة منهجية البحث
منهجية البحث تشرح للقارئ “كيف” تم تنفيذ الدراسة. وتشمل نوع المنهج، والأدوات، والإجراءات، والعينة.
-
تحديد نوع المنهج بوضوح
-
كمي، نوعي، وصفي، تجريبي، أو مختلط.
-
عرّف المنهج وبيّن سبب اختياره بناءً على طبيعة المشكلة.
-
وصف أدوات البحث
-
وضّح نوع الأداة (استبيان، مقابلة، اختبار…).
-
تحدّث عن كيفية بنائها، وكيف تم التأكد من صدقها وثباتها.
-
توضيح عينة الدراسة
-
صف حجم العينة، وخصائصها (الجنس، العمر، التخصص، المستوى…).
-
بيّن طريقة اختيارها (عشوائية، قصدية، طبقية…).
-
وصف الإجراءات
-
بيّن كيف جمعت البيانات، وأين، وفي أي مدة.
-
اذكر التحديات التي واجهتك إن وُجدت.
-
الاعتبارات الأخلاقية
-
أشِر إلى حصولك على موافقة المشاركين، وكيف ضمنت سرية معلوماتهم.
-
تأكد من احترام خصوصيتهم وحقوقهم طوال مدة الدراسة.
سادسًا: شروط عرض النتائج
في هذا الجزء، يعرض الباحث ما توصّل إليه من بيانات وملاحظات بطريقة منظمة وموضوعية.
-
التنظيم المنهجي
-
استخدم جداول أو رسوم بيانية عند الحاجة، لتوضيح الأرقام أو الاتجاهات.
-
ضع عنوانًا لكل جدول أو شكل، مع شرح موجز لما يحتويه.
-
الموضوعية والدقة
-
اعرض النتائج كما هي دون تحريف.
-
لا تفسرها أو تحللها هنا — اترك التفسير لجزء “مناقشة النتائج”.
-
الترتيب حسب الأسئلة أو الفرضيات
-
احرص على أن يكون عرض النتائج متسقًا مع الأسئلة التي طرحتها سابقًا.
-
تجنّب التكرار
-
لا تُكرر البيانات نفسها في النص والجداول ما لم يكن هناك ضرورة.
سابعًا: شروط مناقشة النتائج والتوصيات
مناقشة النتائج هي الفرصة التي يمتلكها الباحث لتفسير ما توصّل إليه من بيانات، والربط بينها وبين الإطار النظري والدراسات السابقة.
-
التفسير العلمي للنتائج
-
ناقش نتائجك بشكل منطقي، واشرح ما تعنيه في ضوء فرضياتك أو أسئلتك البحثية.
-
تجنب الانطباعات الشخصية، وركّز على ما تُثبته البيانات.
-
الربط بالدراسات السابقة
-
قارِن بين نتائجك ونتائج أبحاث سابقة: هل تدعمها أم تختلف عنها؟ وما تفسير ذلك؟
-
الواقعية والاتزان
-
لا تبالغ في تضخيم أهمية النتائج.
-
اعترف إن وُجدت نتائج غير متوقعة أو غير متسقة مع الفرضيات.
-
تقديم توصيات قابلة للتطبيق
-
استنتج توصيات عملية بناءً على ما توصّلت إليه من نتائج.
-
كن واضحًا ومحددًا، ولا تكتفِ بتوصيات عامة.
-
تحديد حدود البحث
-
أذكر ما واجهته من صعوبات أو قيود في منهجيتك، مثل: ضيق الوقت، حجم العينة، صعوبة الوصول للمصادر.
-
مقترحات لأبحاث مستقبلية
-
اقترح عناوين دراسات مستقبلية أو توسّعات ممكنة لموضوعك الحالي.
ثامنًا: شروط التوثيق والمراجع
توثيق المراجع هو جزء لا يتجزأ من الأمانة العلمية، ويُظهر التزام الباحث بالمعايير الأكاديمية.
-
الالتزام بنظام توثيق موحد
-
استخدم أسلوب توثيق معتمد من الجامعة (مثل APA، MLA، شيكاغو…).
-
لا تخلط بين أكثر من نمط في البحث نفسه.
-
التوثيق داخل النص
-
ضع اسم المؤلف وسنة النشر في كل مرة تقتبس أو تلخّص مرجعًا.
-
فرّق بين الاقتباس المباشر (بين علامتي تنصيص) والاقتباس غير المباشر (بأسلوبك).
-
قائمة المراجع
-
أدرج جميع المصادر التي استندت إليها في نهاية البحث.
-
رتّبها هجائيًا، ووفّر معلومات كاملة (اسم المؤلف، عنوان الكتاب أو المقال، دار النشر، السنة…).
-
تجنّب السرقة الأدبية
-
استخدم أدوات كشف الانتحال الأكاديمي (Plagiarism Checker) للتأكد من أصالة بحثك.
الأسئلة الشائعة
ما هي شروط كتابة البحث العلمي باختصار؟
-
الالتزام بالمنهجية العلمية.
-
وضوح الفكرة والمشكلة البحثية.
-
التوثيق الصحيح للمراجع.
-
اتباع تنسيق أكاديمي معتمد.
-
تنظيم البحث وتسلسله المنطقي.
ما الفرق بين الشروط العلمية والشكلية في البحث؟
-
الشروط العلمية تتعلق بالمحتوى والمنهج والنتائج.
-
الشروط الشكلية تتعلق بالتنسيق، الخط، الهوامش، الفقرات، الترقيم.
ما هي شروط كتابة مقدمة البحث العلمي؟
-
تقديم خلفية مناسبة عن الموضوع.
-
تحديد المشكلة بوضوح.
-
إبراز أهمية وأهداف البحث.
-
صياغة الأسئلة أو الفرضيات.
-
التمهيد لخطة البحث باختصار.
هل تختلف الشروط باختلاف التخصص؟
-
قد تختلف التفاصيل (خصوصًا في منهجية البحث)، لكن الشروط العامة تنطبق على معظم التخصصات الأكاديمية.
ما أكثر الأخطاء التي يقع فيها الباحث المبتدئ؟
-
ضعف المقدمة أو الإطار النظري.
-
عدم توثيق المراجع بطريقة صحيحة.
-
اختيار موضوع عام أو غير قابل للبحث.
-
تجاهل دليل الجامعة في التنسيق.
الخاتمة
في نهاية هذا الدليل، يمكننا القول إن معرفة ما هي شروط كتابة البحث العلمي؟ يُعدّ أساسًا لأي باحث يسعى إلى تقديم عمل علمي منظم، رصين، وأصيل. إن كتابة البحث لا تعتمد فقط على الفكرة الجيدة، بل على القدرة على تنظيم هذه الفكرة وصياغتها بمنهجية واضحة ولغة أكاديمية سليمة.
وقد تناولنا كذلك ما هي شروط كتابة مقدمة البحث العلمي؟ باعتبارها المدخل الذي يُهيئ القارئ لما سيقرأه في بقية البحث. الالتزام بهذه الشروط يمنحك الثقة في عملك البحثي ويزيد من فرص قبوله وتقديره من قبل الجهات الأكاديمية.