تُعد فرضيات البحث العلمي من أهم عناصر أي دراسة منهجية، إذ تمثل التصور المبدئي الذي يبنيه الباحث حول العلاقة بين المتغيرات موضوع البحث.
الفرضية ليست مجرد توقع أو تخمين، بل هي تقدير علمي مؤقت يقوم الباحث باختباره من خلال الأدلة والبيانات للوصول إلى نتيجة تؤكد أو تنفي صحة هذا التقدير.
تلعب الفرضيات دورًا حيويًا في تحديد اتجاه البحث ومساره المنهجي، فهي بمثابة البوصلة التي توجه الباحث نحو ما يجب قياسه، وما هي العلاقات التي ينبغي تحليلها.
وكلما كانت الفرضيات مكتوبة بدقة ووضوح، كانت نتائج البحث أكثر مصداقية ومنهجية.
ما هي فرضية البحث العلمي؟
الفرضية في البحث العلمي هي توقع ذكي ومنطقي يقدمه الباحث حول وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر، ويعمل على اختبارها من خلال أدوات البحث المختلفة.
بمعنى آخر، هي عبارة عن جملة خبرية تعبر عن علاقة محتملة بين ظاهرتين، وتُستخدم للتحقق من صحة أو خطأ هذه العلاقة في نهاية البحث.
تعريف فرضية البحث العلمي
يمكن تعريف الفرضية بأنها:
“تخمين علمي مبدئي يعتمد على الملاحظة والخبرة، يقدمه الباحث لتفسير ظاهرة معينة، ويختبر صحته باستخدام المنهج العلمي.”
تُعد الفرضية جسرًا بين الإطار النظري والتحليل الميداني، إذ تُترجم المفاهيم النظرية إلى صيغة قابلة للقياس والتجريب.
الهدف من وضع الفرضيات في الدراسات
الفرضيات تساعد الباحث على تحديد ما يريد اختباره بدقة، وتمنحه رؤية واضحة حول الاتجاه المتوقع للعلاقة بين المتغيرات.
على سبيل المثال: إذا افترض الباحث أن “زيادة ساعات المذاكرة تؤدي إلى ارتفاع التحصيل الدراسي”، فإنه يوجّه بحثه نحو اختبار هذه العلاقة من خلال البيانات.
الفرق بين الفرضية والسؤال البحثي
السؤال البحثي هو استفهام يسعى الباحث للإجابة عليه من خلال دراسته، بينما الفرضية هي تخمين مبدئي للإجابة عن هذا السؤال.
بمعنى آخر، السؤال يطرح المشكلة، والفرضية تقدم التوقع أو التفسير الذي يحتاج إلى اختبار.
مثلاً:
-
السؤال البحثي: هل تؤثر بيئة العمل على الإنتاجية؟
-
الفرضية: كلما تحسنت بيئة العمل، ارتفعت إنتاجية الموظفين.
أهمية الفرضيات في البحث العلمي
لا يمكن لأي بحث علمي متكامل أن يقوم دون وجود فرضيات واضحة، فهي الركيزة الأساسية التي يبنى عليها التحليل والاختبار.
وتتمثل أهميتها فيما يلي:
دور الفرضيات في توجيه الإطار النظري والمنهجي
الفرضية تساعد الباحث على تحديد الإطار النظري المناسب لدراسته، فهي التي تحدد نوع العلاقات التي يبحث عنها ونوع المنهج الذي سيستخدمه (وصفي، تجريبي، ارتباطي…).
على سبيل المثال، إذا افترض الباحث وجود علاقة بين متغيرين، فسيتجه لاستخدام منهج الارتباط أو التجريب.
كيف تساعد الفرضية في اختبار العلاقات بين المتغيرات
الفرضية توجّه الباحث نحو اختبار العلاقة الإحصائية بين المتغيرات.
فإذا كانت الفرضية تتحدث عن تأثير التدريب على الأداء، فسيبحث الباحث عن بيانات كمية لقياس هذا التأثير.
وهكذا، تصبح الفرضية أداة لتطبيق المناهج الإحصائية مثل تحليل التباين أو الارتباط أو الانحدار.
العلاقة بين الفرضية وأهداف البحث
الفرضيات تُترجم الأهداف العامة إلى توقعات قابلة للاختبار.
فإذا كان الهدف من البحث هو “معرفة العوامل المؤثرة في الرضا الوظيفي”، فقد تكون فرضياته مثل:
-
توجد علاقة بين الدخل والرضا الوظيفي.
-
توجد علاقة بين القيادة والتحفيز والرضا الوظيفي.
بهذه الطريقة، تصبح الأهداف أكثر تحديدًا وقياسًا.












